فانظر ـ أيها المريد الصادق ـ كيف
أن القرآن الكريم حذرنا من مجرد الاقتراب من الفواحش، لأن الاقتراب منها قد يوقع
فيها، ولهذا ورد النهي عن كل الأسباب الدافعة لذلك حتى لو كانت ذنوبا خاصة.
فالتبرج بالزينة ليس ذنبا خاصا،
ذلك أن كل من تقوم بذلك، تتحمل جرائر كل من ينظرون إليها من غير أن ينقص من ذنوبهم
شيئا.
وهكذا فإن إطلاق البصر، وإن كان
ذنبا خاصا إلا أنه قد يؤدي بصاحبه إلى الفاحشة، ويجره إليها من حيث لا يشعر، وقد
ورد في وصية المسيح عليه السلام قوله: (قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن، وأما أنا
أقول لكم إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه) (متى 5: 27، 28)
ولهذا ورد الأمر بغض البصر، لأنه
الوسيلة الوحيدة لحفظ عفاف النفس وطهارتها؛ فمن تنجست عينه تنجست نفسه، ومن تنجست
نفسه فاحت رائحته الكريهة، وتحول ذنبه من الإثم إلى العدوان، قال تعالى: ﴿قُلْ
لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ (النور:30)
ومثل ذلك أمر النساء بغض البصر
مثل الرجال، وعدم إبداء زينتهن إلا لمحارمهن، قال تعالى: ﴿وَقُلْ
لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ
آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي
أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 211