اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 181
فقيل له: (وما الإبقاء على العمل؟) قال: (يصل الرّجل بصلة،
وينفق نفقة للَّه وحده لا شريك له فكتبت له سرّا، ثمّ يذكرها فتمحى فتكتب له
علانية، ثمّ يذكرها فتمحى وتكتب له رياء)([217])
فاجتهد ـ أيها المريد الصادق ـ في أن تعمل بهذه الوصية
العظيمة، ففيها خير الدنيا والآخرة، وقد قال رسول الله a: (إنّ في
ظلّ العرش يوم لا ظلّ إلّا ظلّه رجلا تصدّق بيمينه فكاد يخفيها عن شماله)([218])، وورد في الآثار: (فضل عمل السرّ على عمل الجهر بسبعين ضعفا)([219])
إذا علمت كل هذا ـ أيها المريد الصادق ـ وملأت به قلبك
وعقلك.. وراقبت حركاتك وسكناتك.. ثم سمعت بعد ذلك من يثني عليك ثناء صالحا، ففرحت
بذلك؛ فلا تحزن، فإن ذلك بشارة من الله تعالى لصدقك وإخلاصك، وقد ورد في الحديث أن
رسول الله a سئل: الرجل يعمل العمل فيحمده
الناس عليه، ويثنون عليه به؟ فقال رسول الله a: (تلك
عاجل بشرى المؤمن) ([220])
بل روي في حديث آخر ما هو أعظم من
ذلك، فقد روي أن رجلا قال لرسول الله a: (يا رسول اللّه أسرّ العمل لا أحبّ أن يطّلع عليه أحد فيطّلع
عليه، فيسرّني؟)، قال: (لك أجران أجر السرّ وأجر العلانية)([221])
وسر ذلك هو أنه فطرة إلهية في
الإنسان، لا يمكنه الانفكاك عنها، وما جعل الله في