وورد الثناء عليهم بذلك في مواضع من القرآن الكريم، منها قوله
تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: 274]، وقوله: ﴿
وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ
وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ
بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد:
22]
وذلك لأن تلك الصدقات التي تعطى علانية، مع البعد عن قصد
الرياء والسمعة، قد تكون سببا في أن تصبح سنة حسنة لمن يريد أن يقتدي بصاحبها، وقد
ورد في الحديث عن بعض أصحاب رسول الله a أنه قال:
كنّا في صدر النهار عند رسول الله a فجاءه
قوم عُراة مجتابي النِّمار أو العَبَاءِ متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من
مضر، فتمعَّر وجه رسول الله a لِمَا
رأى بهم من تلك الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً فأذَّن وأقام ثم صلى ثم خطب،
فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن
نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [النساء: ١] والآية الأخرى التي في آخر الحشر:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ
مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ [الحشر: ٨١]. تصدَّق رجل من ديناره،
من درهمه، من ثوبه، من صاع بُرِّه، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشقِّ تمرة، فجاء
رجل من الأنصار بصُرَّة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت. ثم تتابع الناس حتى رأيت
كَوْمَيْنِ من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله a يتهلَّل
كأنه مُذْهَبَةٌ، فقال رسول الله a: (من
سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 179