اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 177
وقلوب الشجر فجعل يحشو شدقه ويأكل أكلا عنيفا، فقال الملك:
أين صاحبكم، قالوا: هذا قال: كيف أنت؟ قال: كالناس، فقال الملك: ما عند هذا من
خير، فانصرف عنه. وقال السّائح: الحمد للَّه الّذي صرفك عنّي وأنت لي ذامّ([211]).
ولهذا فإن عليك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تجتهد في إخفاء
طاعاتك ما أطقت إلى ذلك سبيلا، ولذلك ورد في الحديث الإخبار بأفضلية صلاة النافلة
في البيت، قال a: (اجعلوا
في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبوراً) ([212])
وفي حديث آخر روي أنه a اتخذ
حجرة في رمضان فصلى فيها ليالي، فصلَّى بصلاته ناسٌ من أصحابه فلما علم بهم جعل
يقعد فخرج إليهم، فقال: (قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم فصلُّوا أيها الناس في
بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) ([213])
وسئلت عائشة عن تطوعه a فقالت:
(كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا، ثم يخرج فيصلي بالناس ثم يدخل فيصلي ركعتين
وكان يصلي بالناس المغرب ثم يدخل فيصلي ركعتين ويصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي
فيصلي ركعتين وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر وكان يصلي ليلا طويلا قائما
وليلا طويلا قاعدا وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم وإذا قرأ قاعدا ركع
وسجد وهو قاعد وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين) ([214])
وغيرها من الأحاديث التي تبين أفضلية كون النوافل بعيدا عن
الناس، حتى لا يتسرب الرياء إلى أصحابها.. ذلك أن الرياء عادة لا يتطرق إلا
للتطوعات، بخلاف