responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 151

واسمع ـ أيها المريد الصادق ـ لما قاله بعض المشايخ ناصحا بعض مريديه فيما عليه أن يواجه به من يذمونه بما هو بريء منه.. فهو لم يدعه إلى أن يوكل محاميا ليدافع عنه، ويصرف أوقاتا وأموالا كثيرة لأجل ذلك، وإنما دعاه إلى ثلاثة أمور([171]):

أولها: أن يتفكر في ستر الله عليه، لأن ذلك الذي ذمه لم يلتفت لعيوبه الحقيقية، وإنما التفت لغيرها، وربما تكون التي لم يلتفت لها أخطر من التي ذكرها.. ولذلك كان في التي ذكرها ـ ولو كانت كاذبة ـ عوضا عن التي لم يذكرها.

ثانيها: أنّ ذلك كفّارات لبقيّة الذنوب، و(كأنّه رماك بعيب أنت بريء منه، وطهّرك من ذنوب أنت ملوّث بها، وكلّ من اغتابك فقد أهدى إليك حسناته وكلّ من مدحك فقد قطع ظهرك، فما بالك تفرح بقطع الظهر وتحزن لهدايا الحسنات الّتي تقرّبك إلى الله، وأنت تزعم أنّك تحبّ القرب من الله)

ثالثها: أنّ المسكين الذي ذمك قد جنى على دينه حتّى سقط من عين الله جلّ وعزّ وأهلك نفسه بافترائه وتعرّض لعقابه الأليم؛ فلا ينبغي أن تغضب عليه مع غضب الله عليه فتشمت به الشيطان وتقول: (اللهمّ أهلكه)، بل ينبغي أن تقول: (اللهمّ أصلحه، اللهمّ تب عليه، اللهمّ ارحمه) كما قال a: (اللهمّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون) لمّا ضربوه([172]).

ومما يروى في ذلك عن بعض الصالحين أنه شجّ رأسه بالمغفرة، فلم يدع على من فعل به ذلك، فقيل له في ذلك، فقال: (علمت أنّي مأجور بسببه وما نالني منه إلّا خير، فلا أرضى أن يكون هو معاقبا بسببي)

إذا علمت كل ذلك ـ أيها المريد الصادق ـ فاسع لأن تخلي قلبك من ذلك القيد الوهمي


[171] انظر: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، ج‌6، ص: 135.

[172] رواه البيهقي في شعب الإيمان.

اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست