responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 152

الذي قيدك به المادحون والذامون، فأنت لم تنزل لهذه الدنيا ليكتب عنك الخلق قصائد المديح والثناء، وإنما نزلت لتكتب عنك الملائكة ذلك.. فهي التي كلفت بكتابة حسناتك وسيئاتك.. فكل حسنة يكتبها الملك الذي على يمينك هي قصيدة في مدحك.. وكل سيئة يكتبها الملك الذي على يسارك هي قصيدة في هجائك..

فاسع لأن تمحو قصائد الهجاء، وتكثر من قصائد المدح، فإن تلك القصائد لن يسمعها أهل عصرك فقط، وإنما سيسمعها في أرض الموقف الخلائق جميعا..

ويا فضيحة من اهتم بقصيدة كتبها عنه في الدنيا صعلوك خطاء ممتلئ بالذنوب.. وانشغل عما تكتبه الملائكة البررة الطيبون الطاهرون المعصومون المبرؤون من الكذب والحقد والتملق وكل الأمراض التي تملي على المادحين أو الذامين قصائدهم.

واعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أن الله تعالى قد يبتليك بمن مدحك أو ذمك، فيضعه بين يديك، ليرى ما تصنع فيه.. فإياك أن تتجاوز حدك، وحد عبوديتك، فتعطي المادح ما لا يستحق، وتحرم الذام ما يستحق.. فأنت عبد الله لا عبد نفسك، وأنت مطالب بأن تؤدي حق الله، ولا يضرك أن يخطئ الخلق في حقك، وقد قال الله تعالى آمرا بالإحسان للذامين: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ الله وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 22]

وهكذا احذر ـ أيها المريد الصادق ـ مما ذكرته لي في رسالتك من تأثير المدح والذم فيك وفي نشاطك، فإن ذلك قد يقدح في إخلاصك لربك.. فاجتهد لأن تتخلص منه، وتكتفي بنظر الله إليك، فما يغنيك أن يرى غيرك عملك، وهو لا يضرك، ولا ينفعك، ولا يملك أن يكافئك، ولا يملك أن يعاقبك.

اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست