responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 150

إذا علمت كل ذلك ـ أيها المريد الصادق ـ ورددته بينك وبين نفسك، وتأملت فيه حق التأمل؛ فإن أول نتيجة لذلك هي سعيك للتخلص من كل تلك القيود التي تجعل اجتهادك مرتبطا بثناء الخلق وذمهم؛ فأنت عبد الله، لا عبد من مدحك وذمك.

ولذلك اسع لأن تجعل كل أعمالك خالصة لوجه ربك، فيكفيك ثناؤه ومدحه، فلو اجتمع الخلق كلهم على ذمك، وأثنى عليك ربك لكان ذلك كافيا مغنيا لك عن غيره.. ولو اجتمعوا جميعا على مدحك، لم يغن ذلك عنك شيئا.. وكيف يغني عنك، وهو لا يستطيع أن يدفع عنك سيئة واحدة، ولا أن يجلب لك حسنة واحدة؟

ولا تكتف بذلك ـ أيها المريد الصادق ـ بل اجعل من مديح غيرك أو ذمهم لك وسيلة لتهذيب نفسك وتزكيتها..

فإن سمعت من ثناء مادحيك ما لا تراه متوفرا لديك، فاسع لأن تجعل كذبهم صدقا؛ فتجتهد في تحقيق ما أثنوا به عليك؛ فلعل الله أنطقهم بذلك من باب النصيحة لك، لا من باب الثناء عليك.. فاسمع ثناءهم بهذا الاعتبار لتتهذب، ولا تسمعه ثناء لتغتر.

وهكذا.. اسمع لمن يذمك، فلعل فيك ما يذكره، فاعتبره من باب النصيحة.. ولا يعنيك سوء أدبه في نصحه لك، فالله تعالى هو الذي يتولى تأديبه على سوء أدبه.. وهل يمكنك أن تلوم شخصا إن نبهك إلى حريق يشب في بيتك، فتترك إطفاء الحريق، لتلومه على طريقة إخباره لك؟

فإذا رأيت أنه ذمك بما ليس فيك، فلا تحزن، بل امتلأ فرحا وسرورا، لأن الله تعالى خلصك من تلك الصفة التي ذمك بها، وأضاف إليك أجرا عظيما بذلك الإفك الذي قذفك به.. وهل يمكن لشخص من الناس أن يحزن على مكافأة جزيلة صرفت له بكلمات قليلة كاذبة قيلت فيه؟

اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 150
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست