اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 135
الرّئاسة، ولا تكن ذئبا، ولا تأكل
بنا الناس، فيفقرك الله، ولا تقل فينا ما لا نقول في أنفسنا فإنك موقوف ومسئول لا
محالة، فإن كنت صادقا صدّقناك وإن كنت كاذبا كذّبناك)([148])
إذا علمت هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ ودب إلى نفسك الحنين إلى التخلص من هذا المثلب وكل ثماره السامة التي ينتجها،
فاعلم أنك تحتاج إلى علاجين: معرفي تقنع به عقلك، وسلوكي تسير به في حياتك.
العلاج المعرفي:
أما الأول، فيبدأ بمعرفتك لخطر حب
الجاه على قلبك، ودوره في إنبات شجرة النفاق التي هي أسوأ الأشجار، وأكثرها سمية،
وكيف لا تكون كذلك، وهي التي توعد الله أهلها بالدرك الأسفل من النار، فقال: ﴿إِن
الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ
نَصِيرًا ﴾ [النساء: 145]
وفي مقابلهم ورد الثناء العظيم
على من لم يستعبد حب الجاه قلبه؛ فلذلك صار لا يبالي بالظهور، ولا بالخفاء، لأنه
عبد الله، لا عبد القلوب التي يتوهم أنه امتلكها؛ فقد أخبر الله تعالى عن الجزاء
العظيم المعد لهم، فقال: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا
لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83]
وانظر ـ أيها المريد الصادق ـ كيف
جمع الله تعالى بين إرادة العلو والفساد، لتعلم أن كل من يريد أن يعلي ذاته لا
الحق الذي يمثله سيقع في الفساد لا محالة، وكيف لا يقع فيه، وهو لم يرد ربه، وإنما
أراد نفسه.
ولهذا أثنى الله تعالى على أولئك
الذين جهل الناس قدرهم، بكونهم لا يريدون إلا الله، قال تعالى: ﴿وَلَا
تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ
وَجْهَهُ﴾ [الأنعام: