اسم الکتاب : مثالب النفس الأمارة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 128
فرمي المال حرام، وفاعل ذلك مثل
من يرمي السلاح من يده في معاركه مع العدو الظالم، أو مثل من يتخلى عن مسؤوليته
تجاه من كلف بالإنفاق عليهم.
وقد كان في إمكانه إن شاء أن يرحل
إلى المسافات البعيدة ليبحث عن المستحقين لذلك المال؛ فيكون له به الأجر العظيم،
ويكون قد أدى ما كلف به من تلك التكاليف الشرعية الكثيرة التي تعتبر الإنفاق على
الفقراء والمساكين وأصحاب الحاجات أساسا من أسس الدين، كما قال تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ
الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا
يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الماعون: 1 - 3]
لكن عزل الشريعة، وتحكيم الهوى في
الدين، يجعل من صاحبها عرضة لوساوس الشيطان، الذي يزين له ما يفعله من الآثام، موهما
إياه أنه يسعى في تزكية نفسه، وهو لا يعلم أن تزكية النفس لا تكون إلا بمقتضى
الشرع.
ولهذا فإن عليك ـ أيها المريد
الصادق ـ إن أردت أن تنجح في الاختبارات المرتبطة بالمال أن تجيب على تلك الأسئلة
التي أخبر عنها رسول الله a في
الدنيا قبل الآخرة، فقد ورد في الحديث:
(ما تزول قدما عبد يوم القيامة
حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين
اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه) ([128])
وفي
حديث آخر قال رسول الله a: (الدنيا خضرة حلوة، من اكتسب فيها مالا من حله
وأنفقه في حقه أثابه الله عليه وأورده جنته، ومن اكتسب فيها مالا من غير حله
وأنفقه في غير حقه أورده الله دار الهوان، ورب متخوض في مال الله ورسوله له النار
يوم القيامة،