اسم الکتاب : أبو هريرة وأحاديثه في الميزان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 25
يشغلهم الصفق
بالأسواق، وكنت ألزم رسول الله a علي ملء بطني، فأشهد إذا غابوا، وأحفظ إذا
نسوا. وكان يشغل إخواني من الأنصار عمل أموالهم، وكنت امرأ مسكينا من مساكين
الصفة، أعي حين ينسون) [1]
فهذا الحديث
الخطير المتفق على صحته يرويه السلفية في مناقب أبي هريرة، ولو عقلوا لاستدلوا به
على مثالبه.. فهو يرسم صورة سيئة للمهاجرين والأنصار، وانشغالهم عن رسول الله a بالتجارة والعمل.
وهو يبين في
الحديث ـ قصد أو لم يقصد ـ أنه لولاه لضاعت كل تلك التعاليم المقدسة التي كلف رسول
الله a أن يبلغها للأمة.
بل إنه عندما
عارضته عائشة زوج رسول الله a في بعض الأحاديث،
وقالت: إنك لتحدث عن النبي a حديثا ما سمعته منه، قال لها: (يا أمه! طلبتها وشغلك
عنها المرآة والمكحلة وما كان يشغلني عنها شيء!) [2]
بل إنه يصرح
بذلك في مواضع أخرى، ومنها ما رواه البخاري عنه، قال: قلت: يا رسول الله، من أسعد
الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال a:
(لقد ظننت يا أبا هريرة ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك
على الحديث. أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إلا الله خالصا من قبل
نفسه) [3]
ففي هذا الحديث
يضع أبو هريرة نفسه في المحل الأول من الصحابة الحريصين على تعلم أحكام الدين، مع
كونه ـ كما ذكرنا ـ جاء متأخرا جدا، وفي فترة مليئة بالأحداث الخطيرة التي مرت بها
الدعوة الإسلامية، والتي دلت الوقائع التاريخية على أن