ومما يدل على
صحة هذا الخبر عن الإمام علي، وموقفه السلبي منه ما رواه العقيلي عن الوراميني
قال: (حدثنا يحيى بن المغيرة قال حدثنا أبو زهير قال حدثنا الأعمش عن أبي صالح
وأبي رزين عن أبي هريرة عن النبي a قال: (من أحدث حدثا أو آوى محدثا، وذكر
الحديث، وذكر في آخره كلاما لأبي هريرة في علي وكلاما لعلي في أبي هريرة، قال أبو
زهير: فحدث الأعمش بهذا الحديث وعنده المغيرة بن سعيد فلما بلغ قول أبي هريرة في
علي قال: (كذب أبو هريرة)، فلما بلغ قول علي في أبي هريرة قال: (صدق علي)، قال:
فقال الأعمش: (صدق علي وكذب أبو هريرة لا، ولكن غضب هذا فقال، وغضب هذا فقاله)[2]
وما لنا نذهب
بعيدا، والرواية التي يتشبث بها السلفية في مناقب أبي هريرة أكبر دليل على ذلك،
فهم يروونها بفخر، ولا يعملون عقولهم ليعلموا ما تحمله من طعون في كبار الصحابة
وصغارهم.
فقد روى البخاري
ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال: (إنكم تقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول
الله a، وتقولون: ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدثون عن
رسول الله a بمثل حديث أبي هريرة؟ وإن إخوتي من المهاجرين كان
[2] الضعفاء ج4 ص 179، وقد ذكر ابن أبي الحديد الخبر في [شرحه على نهج
البلاغة: ج4، ص 76 ] عن شيخه الأسكافي قال: وروى الأعمش قال: لما قدم أبو هريرة
العراق مع معاوية عام الجماعة جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأى كثرة من استقبله من
الناس جثا على ركبتيه، ثم ضرب صلعته مرارا، وقال: يا أهل العراق، أتزعمون أني أكذب
على الله وعلى رسوله، وأحرق نفسي بالنار، والله لقد سمعت رسول الله a يقول: (إن لكل نبي حرما وإن حرمي بالمدينة ما بين
عير إلى ثور فمنا حدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وأشهد
بالله أن عليا أحدث فيها)، فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة
المدينة.
اسم الکتاب : أبو هريرة وأحاديثه في الميزان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 24