كانت
لدنيا يطلبونها أو أهواء يتبعونها؛ فإن الله يرفع عنهم بركتها، وما كان لشيء رفعت
بركته أن يدوم.
قلت:
صدقت.. وقد ذكرني حديثك هذا بقوله تعالى: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ
بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67]؛ فقد
أخبر الله تعالى فيها أن المودة البادية بين الأخلاء في الدنيا، ستنقطع إلا مودة المتقين..
قال:
أجل.. فما كان لله دام واتصل، وما كان لغيره انقطع وانفصل.
قلت:
كم كنت أتمنى أن أقضي عمري بينكم.. لكن شاء الله لي أن أكمل سياحتي في الأرض..
فهناك الكثير من المهام التي تنتظرني.
قال:
أجل.. وكم تمنينا أن تبقى بيننا.. لكن عليك أن تؤدي ما كلفت به؛ فهناك الكثير ممن
ينتظرك ليعلمك من أسرار الحياة، ما ينيلك خيرها، ويقيك شرها.
قلت:
فهلا نصحتني قبل أن أكمل رحلتي.
قال:
أنت لم تأخذ بعد عني كل أسرار الصداقة.. فهلم أكملها لك.
قلت:
لقد تصورت أني اغتنيت بما رأيته منك، ومن أصدقائك.
قال:
إن ما رأيته لم يكن ليتحقق لولا تلك النصائح الجليلة التي سمعناها جميعا من أفواه
الصالحين الهداة.. أولئك الذين علمونا أسرار كل شيء.
قلت:
ما تقصد؟
قال:
لقد ذكرت لك أن صداقتنا كانت مؤسسة على طاعة الله، ومبنية على محبته.
قلت:
أجل.. ألا يكفي ذلك لتأسيس الصداقة؟
قال:
ما ذكرته جميل، ولكنه لا يكفي؛ فنحن نحتاج إلى دراسة متأنية في نوع الأصدقاء الذي
يتناسبون معنا ومع طباعنا وتكاليفنا.