في
الجنة حين قال: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا
عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47]
وقد
كانوا يجتمعون كل حين، وكانت مجالسهم كلها مجالس خير وصلاح؛ فهم بين مذاكرة علم،
أو قراءة قرآن، أو سماع وعظ، أو ممارسة رياضة، أو سياحة في الأرض، أو تعاون فيما
بينهم في شؤون الدنيا، أو في شؤون الدين.
ولم
تكن علاقتهم مرتبطة بهم فقط، بل كانت تشمل أسرهم أيضا، حيث كانوا يشكلون مع بعضهم
مجتمعا إيمانيا راقيا لم أر مثله في حياتي.
والأعجب
من ذلك كله هو دوام تلك العلاقة بينهم، لتشمل معظم حياتهم؛ فكلهم يعرف بعضهم بعضا
منذ الطفولة الباكرة.. والأعجب منه تنوع وظائفهم تنوعا شديدا من غير أن يحول ذلك
بينهم.
بعد
أن رأيت كل ذلك، وعند عزمي على السفر لاستكمال رحلتي، سألت صاحبي عن سر نجاحه في
اختيار أصدقائه؛ فابتسم، وقال: ألم تسمع قوله a: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته
إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها
أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)[1]
قلت:
بلى.. هذا الحديث يتحدث عن الأعمال، وارتباط الأجور بنيات أصحابها، لكن لست أدري
ما علاقته بما نحن فيه.
قال:
الأصدقاء الطيبون المخلصون من الأجور التي يقدمها الله لعباده في الدنيا، إن
أحسنوا نياتهم.. فإن كانت نيتهم لله، وفي الله أثمرها الله، وأدامها، أما إن