قال:
أجل.. فقد يكون بعض الناس من المؤمنين الصادقين، ولكنك لا تجد في نفسك ما يدعوك
إلى صداقته، ليس كبرا، وإنما لاختلاف الطباع والأمزجة.
قلت:
لقد ذكرني حديثك هذا بقوله a: (الأرواح
جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)[1]
قال:
أجل.. وقد أشار a
إلى ذلك في قوله: (إن
أرواح المؤمنين تلتقي على مسيرة يوم، ما رأى أحدهم صاحبه قط)[2]
قلت:
لقد عبر الشاعر عن هذا المعنى، فقال:
وقائل كيف تفارقتما
فقلت قولا فيه إنصاف
لم يك من شكلي ففارقته
والناس أشكال وألاف
قال:
أجل.. ولذلك لا ينبغي لمن يبحث عن الصداقة الحقيقية أن يرغم نفسه على من لا يتشاكل
مع نفسه من الأصدقاء؛ فقد يؤدي ذلك إلى العداوة، وبها يتجاوز حدود الله، ويقع في
الكثير من المحرمات.
قلت:
لقد ذكرتني بالطعام؛ فمع كونه قد يكون حلالا إلا أن بعضنا يرغب في طعام، والآخر في
غيره.
قال:
أجل.. وقد كان من سنة رسول الله a أنه (ما عاب طعاماً قطُّ، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه)[3].. وهكذا الأصدقاء؛ فإنك
إن رحت ترغمهم على نفسك حصل الشنآن بينك وبينهم، وتقع بذلك في الهجران المحرم، مع
أنه كان في إمكانك ألا تقيم