قال: العدو الثالث هو الدنيا..
قلت: فما علاقتها بالنفس وبالشيطان؟
قال: هل تعرف السر الذي جعل الشيطان يوسوس لآدم عليه السلام في الجنة؟
قلت: أجل.. لقد كان للجنة من الجمال ما جعل آدم عليه السلام يمتلئ قلبه محبة لها وحرصا عليها.. ولذلك استغل الشيطان هذا الحرص، فراح يستثمره في وسوسته.
قال: فالدنيا هي الجنة..
قلت: شتان بين الدنيا والجنة.
قال: صدقت.. ولكن العبرة ـ كما يقول الحكماء ـ بما تراه، لا بالحقيقة.
قلت: ما تعني؟
قال: لقد تخيل البشر ـ بسبب قصورهم ـ أن الدنيا هي كل شيء.. وأنه لا يمكن أن يكون هناك ما هو أجمل منها.
قلت: صدقت.. وقد أشار إلى هذا قوله تعالى:﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ (فصلت: من الآية15).. وقال عن صاحب الجنة الظالم:﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً﴾ (الكهف:35)
قال: فالدنيا هي المحل الذي تحصل فيه الوساوس.. كما أن الجنة التي دخل إليها آدم عليه السلام هي المحل الذي حصلت فيه الوساوس.
قلت: فما علاقة العدو الرابع بهؤلاء الأعداء جميعا؟
قال: العدو الرابع هو الأهواء.. الأهواء التي امتلأ بها تاريخ البشرية.. فأصبحت دينا بدل الدين.