قال:
لقد وقع لك ما وقع لي.. فقد كان أول سؤال سألته بعد أن من الله علي بمعرفته،
ومعرفة ذاتي هو أني تساءلت عن الحياة.. وأسرار الحياة..
قلت:
فهل وجدت الجواب؟
قال:
أجل.. لقد من الله علي بصحبة العارفين الذي حلوا لي من معضلات الحياة، وأسرارها ما
ملأني بالأنس والسعادة والتفاؤل.. بل لم أجد أنسا ولا سعادة إلا بعد أن فكت لعقلي
جميع تلك الألغاز التي كان يحتار في حلها.
قلت:
وابشراي إذن.. فحدثني..
***
اعتدل الشيخ الصالح
في جلسته، وحمد الله، وصلى وسلم على نبيه a مستغرقا في كل ذلك، ثم قال: بعد أن رجعت إلى
بلدي من تلك الرحلة المباركة التي من الله علي فيها بصحبة العارفين الذين تعرفت
منهم على الإنسان، وطاقاته ووظائفه وكمالاته[1].. رجعت إلى بلدتي..
وهناك..
وفي غابة من غاباتها الممتلئة بالطهر والجمال.. لقيت صاحبك معلم السلام.. تتبعته،
فرأيته مرة يرمي الطعام إلى النمل.. ومرة يشذب بعض الأغصان.. أو يزيل عن الأشجار
بعض ما علق بها من أشواك.. وقد عجبت إذ رأيت الطير لا تفر منه.. فقد كان يمد يديه
إليها بأنواع الطعام.. وكانت الطير تأتي؛ فتأكل من يده، وتنصرف بعدها.. وهي تغرد
تغاريدها..
اقتربت
منه، وقلت: ما تفعل في هذه الغابة؟
[1] أشير إلى كتاب [أسرار الإنسان]، من هذه
السلسلة.