أرضها
قاحلة جدباء، وكانت وجوه أهلها تمتلئ بالذلة.. وكانت طرقها ممتلئة بالوحل..
لكني
في المرة الثانية رأيتها بصورة مختلفة تماما، كانت ممتلئة بالحياة والجمال، وكانت
أرضها مزهوة بأصناف الأزهار والثمار.. وكانت طرقها معبدة، وبناؤها منظما.. وكأنك
تسير في مدينة من المدن العصرية.
والأجمل
من ذلك كله أهلها الذين كان تبدو عليهم كل مظاهر العزة والاحترام، وقد كانوا
ممتلئين بالحياة عكس ما رأيت في المرة السابقة، فقد كانوا ممتلئين بالموت، بل بكل
أصناف الموت.
والأجمل
من ذلك كله هو أن البلد كانت مستقلة استقلالا تاما؛ فلم يكن فيها موطئ قدم واحد
لعدوهم..
وقد
عجبت إذ وجدت شخصا في المطار ينتظرني، وبمجرد أن دخلت قاعة المطار الجميلة جاء
إلي، وهو يقول لي: مرحبا بك.. لقد كنا في انتظارك.
قلت:
كيف كنتم في انتظاري، وأنا لم أكن أقصد هذه المدينة، بل لم ننزل فيها إلا مضطرين.
قال:
لقد أخبرنا حاكم هذه المدينة أنك ستفد اليوم، وقد طلب منا أن نستقبلك أحسن
استقبال، وأن نسير بك في المدينة، لتراها، ثم ننقلك بعدها إليه.. ولا تقلق بشأن
رحلتك؛ فلدينا بحمد الله من المهندسين الأكفاء من يمكنهم أن يصلحوا الطائرة، في
أقصر مدة.. وستكمل رحلتك بعدها.
لم
أجد إلا أن أسير معه، وأنا في غاية العجب من هذا الذي يحصل معي، وقد تذكرت حين ذكر
لي ذلك كل شيء، وندمت على ذلك التقصير الذي بدر مني حول ذلك الرجل الصالح، والذي
نسيته طول تلك المدة، مع أني كنت أعاتب كثيرا صاحب