قلت: وعيت هذا؛ فما الميزان الرابع
لاختيار الأصدقاء؟
قال:
ذلك الذي الذي أشار إليه قوله تعالى في السورة التي تشرح موازين الربح والخسارة: ﴿إِلَّا
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا
بِالصَّبْرِ﴾ (العصر:3)
قلت:
هل تقصد التناصح والتواصي بالبر والتقوى؟
قال:
أجل.. فلا خير في الصديق الذي يحمي صاحبه من نيران الدنيا، ثم لا يبالي أن تحرقه
نيران الآخرة.
قلت:
لقد قرن الله تعالى التواصي بالحق بالتواصي بالصبر؛ فهل لذلك علاقة بالصداقة؟
قال:
أجل.. فلا يمكن أن يصدق في نصيحته من لم يتحل بحلية الصبر، ألم تسمع وصية لقمان
عليه السلام لابنه، والتي يقول له فيها: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ
وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ
إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ (لقمان:17)؟
قلت: بلى..
فقد قرن دعوته إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدعوته للصبر.. ولكني لا أزال
أسأل عن سر ذلك.
قال:
الصديق الصادق الصدوق هو الذي يبذل نصيحته بكل شفقة ومحبة، ثم لا ينتظر بعدها جزاء
ولا شكورا، بل قد ينتظر سبابا وشتائم.. لذلك دعانا الله تعالى إلى الصبر والتحمل،
وعدم المقابلة بالمثل، وعدم قطع الصداقة لأجل ذلك، وإلا كان القاطع شريكا للمخطئ.
قلت:
ألا يمكن أن يصبر أحدنا على أخطاء أخيه؛ فلا يغيرها حتى لا يتسبب ذلك في قطع حبال
المودة.. فأكثر الناس الآن يعتبرون النصيحة تدخلا في الشؤون