responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 417

الماء ولا الغيم ولا النبات.. ألم تسمع قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)﴾ [الواقعة: 63، 64] .. ألم تسمع قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ﴾ [الواقعة: 68، 69] .. ألم تسمع قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ﴾ [الواقعة: 71، 72]؟

قلت: بلى .. قد سمعت كل ذلك.

قال: من سمع كل ذلك بقلبه وروحه وكل لطائفه علم أن الريح هو الهواء، والهواء لا يتحرك بنفسه ما لم يحركه محرك، وكذلك محركه، وهكذا إلى أن ينتهي إلى المحرك الأول الذي لا محرك له، ولا هو متحرك في نفسه الله تعالى.

قلت: وعيت هذا.. لكن ما علاقته بالتوكل؟

قال: التفات العبد في النجاة إلى أي سبب من الأسباب يضاهي التفات من أخذ لتحز رقبته، فكتب الملك توقيعا بالعفو عنه وتخليته، فأخذ يشتغل بذكر الحبر والكاغد والقلم الذي به كتب التوقيع يقول: لو لا القلم لما تخلصت، فيرى نجاته من القلم لا من محرك القلم.. ومن علم أن القلم لا حكم له في نفسه، وإنما هو مسخر في يد الكاتب، لم يلتفت إليه، ولم يشكر إلا الكاتب.. بل ربما يدهشه فرح النجاة، وشكر الملك والكاتب، من أن يخطر بباله القلم، والحبر، والدواة. والشمس، والقمر، والنجوم، والمطر، والغيم، والأرض، وكل حيوان وجماد .. فكلها مسخرات في قبضة القدرة، كتسخير القلم في يد الكاتب.

قلت: وعيت هذا، ولكن كيف تريدني أن أرى الكل من الله تعالى، وأنا أرى أن هذا الإنسان يعطيك رزقك باختياره، فإن شاء أعطاك، وإن شاء قطع عنك .. وهذا الشخص هو الذي يحز رقبتك بسيفه، وهو قادر عليك، إن شاء حزّ رقبتك، وإن شاء عفا عنك، فكيف لا تخافه، وكيف لا ترجوه، وأمرك بيده، وأنت تشاهد ذلك ولا تشك فيه؟

اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 417
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست