responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 418

قال: عباد الله المخلصين، الذين لا سلطان للشيطان عليهم شاهدوا بنور البصائر أن الكاتب مسخر مضطر، كما شاهد جميع الضعفاء كون القلم مسخرا، وعرفوا أن غلط الضعفاء في ذلك كغلط النملة لو كانت تدب على الورق، فترى رأس القلم يسود الورق! ولم يمتد بصرها إلى اليد والأصابع فضلا عن صاحب اليد، فغلطت وظنت أن القلم هو المسود للبياض، وذلك لقصور بصرها عن مجاوزة رأس القلم لضيق حدقتها.

قلت: وعيت هذا.. ولكن كيف نجمع بين ما قلت وبين الشريعة التي تثبت الأفعال للعباد، فإن كان العبد فاعلا فكيف يكون اللّه تعالى فاعلا، وإن كان اللّه تعالى فاعلا فكيف يكون العبد فاعلا، ومفعول بين فاعلين غير مفهوم، بل غير معقول؟

قال: ألا يقال قتل الأمير فلانا، ويقال قتله الجلاد؟

قلت: بلى..

قال: إذا فهمت هذا أجبت عن سؤالك.

قلت: كيف ذلك؟

قال: ذلك أن تلك العبارة تفيد أن الأمير قاتل بمعنى، والجلاد قاتل بمعنى آخر..

قلت: فكيف نقيس هذا على ما نحن فيه؟

قال: العبد فاعل بمعنى، واللّه عز وجل فاعل بمعنى آخر.. فمعنى كون اللّه تعالى فاعلا أنه المخترع الموجد. ومعنى كون العبد فاعلا أنه المحل الذي خلق فيه القدرة؛ بعد أن خلق فيه الإرادة بعد أن خلق فيه العلم فارتبطت القدرة بالإرادة، والحركة بالقدرة ارتباط الشرط بالمشروط، وارتبط بقدرة اللّه ارتباط المعلول بالعلة، وارتباط المخترع بالمخترع.

ومثال ذلك قوله تعالى في الموت: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾ [السجدة: 11]، ثم قال عز وجل:‌ ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾ [الزمر: 42] .. وقال تعالى‌: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ﴾ [الواقعة: 63] أضاف ذلك إلينا، ثم قال تعالى:‌ ﴿أَنَّا صَبَبْنَا

اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 418
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست