responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 416

قال: للتوحيد أربع مراتب، فأولها: أن يقول الإنسان بلسانه لا إله إلا اللّه، وقلبه غافل عنه، أو منكر له، كتوحيد المنافقين.. والثانية: أن يصدق بمعنى اللفظ قلبه، كما صدق به عموم المسلمين، وهو اعتقاد العوام.. والثالثة: أن يشاهد ذلك بواسطة نور الحق، وهو مقام المقربين، وذلك بأن يرى أشياء كثيرة، ولكن يراها على كثرتها صادرة عن الواحد القهار.. والرابعة: أن لا يرى في الوجود إلا واحدا، وهي مشاهدة الصديقين، وهذا الذين نسميه هنا الفناء في التوحيد.

قلت: إن ما تقوله عجيب.. فكيف يتصور أن لا يشاهد إلا واحدا، وهو يشاهد السماء، والأرض، وسائر الأجسام المحسوسة وهي كثيرة، فكيف يكون الكثير واحدا؟

قال: كم من شخص يشاهد إنسانا ولا يخطر بباله كثرة أمعائه، وعروقه، وأطرافه، وتفصيل روحه، وجسده، وأعضائه.. بل لا يخطر على باله إلا أنه إنسان واحد.. ذلك أنه في حالة الاستغراق والاستهتار به مستغرق بواحد ليس فيه تفريق.

قلت: قد يصعب علي فهم هذا.. ولكن لا بأس حدثني عن التوحيد الذي يمكنني أن أتحقق بمقام التوكل.

قال: عندما ينكشف لقلبك انكشافا يقينيا أن لا فاعل إلا اللّه تعالى، وأن كل موجود من خلق، ورزق، وعطاء، ومنع، وحياة، وموت، وغنى، وفقر.. وغيرها بيد الله تعالى، وأنه المنفرد بإبداعه واختراعه، لا شريك له فيه.. إذا انكشف لك هذا لم تنظر إلى غيره، بل كان منه خوفك، وإليه رجاؤك، وبه ثقتك، وعليه اتكالك.. تحققت بعلم التوكل.

قلت: أنى ينكشف لي هذا.. وأنا أرى خروج الزرع ونباته ونمائه يعتمد على المطر، وعلى الغيم في نزول المطر، وعلى البرد في اجتماع الغيم، وعلى الريح في استواء السفينة وسيرها..

قال: فأغمض عينيك عن كل ذلك، لترى الله هو المدبر لكل شيء.. فلولاه لما كان

اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 416
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست