responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 347

ومن ملك المال لم يملك الجاه بكل حال، فلذلك صار الجاه أحب.

قال الرجل: وعيت هذا.. فما الثاني؟

قال زكريا: الثاني هو أن المال معرض للبلوى والتلف بأن يسرق ويغصب، ويحتاج فيه إلى الحفظة والحراس، وأما القلوب إذا ملكت فلا تتعرض لهذه الآفات فهي على التحقيق خزائن عتيدة لا يقدر عليها السراق.

قال الرجل: وعيت هذا.. فما الثالث؟

قال زكريا: الثالث هو أن ملك القلوب يسري ويتزايد من غير حاجة إلى تعب ومقاساة، فإن القلوب إذا أذعنت لشخص واعتقدت كماله بعلم أو عمل أو غيره أفصحت الألسنة لا محالة بما فيها، فيصف ما يعتقده لغيره ويقتنص ذلك القلب أيضاً له، ولهذا المعنى يحب الطبع الصيت وانتشار الذكر.. لأن ذلك إذا استطار في الأقطار اقتنص القلوب ودعاها إلى الإذعان والتعظيم، فلا يزال يسري من واحد إلى واحد ويتزايد وليس له مرد معين، وأما المال فمن ملك منه شيئاً فهو مالكه ولا يقدر على استنمائه إلا بتعب ومقاساة.

قام آخر، وقال: ما دام هذا هو غرض الجاه، فلم يحب الإنسان اتساع الجاه وانتشار الصيت إلى أقاصي البلاد التي يعلم قطعاً أنه لا يطؤها ولا يشاهد أصحابها، ليعظموه أو ليعينوه على غرض من أغراضه.. ومع اليأس من ذلك فإنه يلتذ به غاية الالتذاذ، بل إن حب ذلك ثابت في الطبع؟

قال زكريا: لذلك سببان، أحدهما: جلي تدركه الكافة.. والآخر: خفي وهو أعظم السببين، وهو أدقهما وأخفاهما.

قال الرجل: فما السبب الأول؟

قال زكريا: هو دفع ألم الخوف، لأن الشفيق بسوء الظن مولع، والإنسان وإن كان مكفياً في الحال فإنه طويل الأمل ويخطر بباله أن المال فيه كفايته ربما يتلف فيحتاج إلى

اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست