responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 346

وترك المنازعة والتعظيم والتوقير بالمفاتحة بالسلام وتسليم الصدر في المحافل والتقديم في جميع المقاصد.. فهذه آثار تصدر عن قيام الجاه في القلب.

قام آخر، وقال: فما السبب في كون القلوب مفطورة على حب الجاه، بحيث لا تكاد تنفك عنه؟

قال زكريا: هو نفس السبب الذي جعل القلوب مفطورة على حب المال.. بل إن التأمل يدل على أن حب الجاه يلزم أن يكون أعظم من حب المال.

قال الرجل: كيف ذلك؟

قال زكريا: أنت تعلم أن الدراهم والدنانير لا غرض في أعيانهما، إذ لا تصلح لمطعم ولا مشرب ولا ملبس، وإنما هي والحصباء بمثابة واحدة، ولكنهما محبوبان لأنهما وسيلة إلى جميع المحاب وذريعة إلى قضاء الشهوات، فكذلك الجاه، لأن معناه الجاه ملك القلوب والقدرة على استسخارها، وهو يفيد قدرة على التوصل إلى جميع الأغراض.. فالاشتراك في السبب اقتضى الاشتراك في المحبة، وترجيح الجاه على المال اقتضى أن يكون الجاه أحب من المال.

قال الرجل: أنا أسألك عن مرجحات الجاه على المال.

قال زكريا: لملك الجاه ترجيح على ملك المال من وجوه ثلاثة.

قال الرجل: فما أولها؟.

قال زكريا: أولها هو أن التوصل بالجاه إلى المال أيسر من التوصيل بالمال إلى الجاه، فالعالم أو الزاهد الذي تقرر له جاه في القلوب لو قصد اكتساب المال تيسر له، فإن أموال أرباب القلوب مسخرة للقلوب ومبذولة لمن اعتقد فيه الكمال، وأما الخسيس الذي لا يتصف بصفة كمال إذا وجد كنزاً ولم يكن له جاه يحفظ ماله وأراد أن يتوصل بالمال إلى الجاه لم يتيسر له.. وبذلك فإن الجاه وسيلة إلى المال، فمن ملك الجاه فقد ملك المال،

اسم الکتاب : أسرار الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 346
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست