انظروا البشارة العظيمة التي يحملها هذا الحديث.. إنها منابر النور..
تلك المنابر التي تهفو لها القلوب، وتحن لذكرها النفوس.. إنها منابر لا كالمنابر..
لقد اعتبر a في هذا الحديث العدل هو المرقاة
التي يرقى بها العبد إلى تلك المنابر النورانية.
وانظروا كيف عمم رسول الله a العدل وأطلقه.. فالعدل لا يكمل إلا بذلك، ولا يصح إلا بذلك.
وفي حديث آخر قال a:(خيار
أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين
تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم!) قال: قلنا يا رسول الله، أفلا ننابذهم؟
قال: (لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، لا، ما أقاموا فيكم الصلاة)[1]
إن هذا الحديث يشير إلى ثورة أهل السلام.. فأهل السلام لا يستعملون
ما يعرفه الناس من سلاح يسفك الدماء، وينشر الفتنة، وإنما يستعملون أسلحة أعظم
وأخطر، ولكنها مع ذلك لا تسيل دما ولا تثير فتنة.
إنها أسلحة الحب والبغض، وأسلحة الدعاء واللعنات.. وهي أسلحة لا بد
أن تؤتي أكلها في يوم من الأيام.
فالحاكم الجائر الذي لا يجد اليد التي تصفق لجوره أو تبتسم لجوره أو
تحييه لجوره أو تدعو له مع جوره.. فإنه لا محالة، وفي ظل هذه المقاطعة النفسية،
يجد نفسه مرغما على أن يسير وفق ما تقتضيه العدالة.
ولهذا نبه a إلى
استعمال هذه الأسلحة بدل الأسلحة التي تسفك الدماء، وتثير الفتن، ومع ذلك لا تفعل
شيئا.
وفي حديث آخر قال رسول الله a:(أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق، ورجل