قارنوا هذا الموقف بما يقع في عصرنا من جور وظلم.. فما أكثر ما يرتكب
ناس مثل هذه الخطيئة! ويبرئون أنفسهم مما ارتكبوه ويلطخون به البريئين.
انظروا في وسائل الإعلام لتروا العجب العجاب من الاتهامات الكاذبة من
فرد لآخر، ومن جماعة أو حزب لجماعة أو حزب آخر، ومن دولة لدولة أخرى، وكثيرا ما
يكون المتَّهِم غارقا في العيوب والنقائص التي اتهم بها غيره.
قال الكواكبي: للأسف نجد من المسلمين من يقع في مثل هذا.. وهو مما
ينفر من الإسلام.. لقد رأيت صاحب حلة كحلة العلماء يتكلم عن المسيحية كلام جاهل..
فهو لا يفرق بين أسفار الكتاب المقدس، ولا أنبيائه.. ومع ذلك يدعي أنه يريد أن
يحكم بينهم فيما اختلفوا فيه.. وكيف يحكم من لا يعرف القضية، ولا المختلفين فيها.
قال إقبال: إن ما ذكرته يستدعي الدعوة إلى ما يسمى بالعدل في المواقف..
فالموقف مسؤولية كبرى.. يدخلها العدل كما يدخلها الجور.. لقد قال الله تعالى يذكر ذلك:﴿
وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ
وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ (الاسراء:36)، وقال
تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ
فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا
فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ (الحجرات:6)
قال مطهري: إن العدل في الموقف يستدعي أن يقف المسلمون مع جميع
القضايا العادلة في العالم سواء كانت ترتبط بالمسلمين أو غير المسلمين.. إن ذلك
يجعل أصحاب تلك القضايا ينظرون إلى الإسلام باحترام ورغبة، وهو ما يكون مقدمة
لدخولهم في دين الله أفواجا.
لقد قال الله تعالى يذكر ذلك:﴿ وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ
الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا
مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً﴾ (النساء:75)