فهذه الأحاديث، يؤصل فيها النبي a أصلا عظيما في الشريعة، ويبينه لنا،
ويشعرنا بأن بعض أفراد الأمة قد يكونون أحيانا أعلم منه a بما يتقنونه من أمور الدنيا، والمقصود
أهل الخبرة في كل فن وصناعة، وأنه لا داعي شرعا لالتفاتهم إلى ما يصدر عنه a من ذلك إلا كما يلتفتون إلى قول غيره من
الناس[4]..
رأيت البغدادي تغير تغيرا شديدا لكنه
حاول أن يحبس نفسه بقوة.. صاح بعض الحضور غاضبا: انزل يا زنديق.. كيف تتجرأ على
مقام النبوة بمثل هذا؟
تدخل البغدادي بأدب، وقال: دعه ـ يا أخي
ـ يكمل ما لديه.. هو لم يقصد ما فهمته.. إن التعبير فقط هو الذي خانه..
قال الرجل بصلافة: كيف يخونني التعبير..
أنا أديب أدباء، وعالم ابن علماء.. فكيف يخونني التعبير؟
قال البغدادي: اعذرني.. واصل ما تريد
قوله.. فأنا لا أستطيع أن أجيبك إلا بعد أن تكمل كل ما عندك من حجج.
قال الرجل ـ وهو يتوجه للجماعة بحماسة
وشدة ـ: أين ذهبت عقولكم.. ألم تقرأوا قوله