اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 320
إن كنت لا أعدل) فقال له بعضهم: ألا
أضرب عنقه فإنه منافق؟ فقال: (معاذ الله أن يتحدث أني أقتل أصحابي)[1]
وحدث آخر، قال: لما كان يوم حنين آثر
رسول الله a ناسا في القسمة ليؤلفهم، فأعطى
الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى ناسا من أشراف العرب، وآثرهم يومئذ في
القسمة، فقال رجل: إن هذه لقسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه الله تعالى، قال:
فقلت: والله لأخبرن رسول الله a
فأتيته، فأخبرته بما قال، فتغير وجهه حتى كان كالصرف، ثم قال: (فمن يعدل إن لم
يعدل الله ورسوله؟ ثم قال: (يرحم الله موسى عليه السلام، قد أوذي بأكثر من هذا
فصبر)[2]
وحدث آخر: أن زيد بن سعية ـ وهو أحد
علماء أهل الكتاب من اليهود ـ قال: إنه لم يبق من علامات النبوة شئ إلا وقد عرفتها
في وجه محمد a حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم
أخبرهما منه: أن يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فكنت أتلطف
له لأن أخالطه فأعرف حلمه، فابتعت منه تمرا معلوما إلى أجل معلوم، وأعطيته الثمن،
فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة، أتيته، فأخذت بجامع قميصه وردائه، ونظرت
إليه بوجه غليظ، فقلت: يا محمد ألا تقضيني حقي؟ فوالله إنكم يا بني عبد المطلب
لمطل، وقد كان لي بمخالطتكم علم، فقال عمر بن الخطاب: أي عدو الله، أتقول لرسول
الله a ما أسمع؟ فوالله لولا ما أحاذر
فوته لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله a
ينظر إلى عمر في سكون، وتؤدة، وتبسم، ثم قال: (أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك
يا عمر، تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة، اذهب يا عمر فاقضه حقه، وزده
عشرين صاعا، مكان ما رعته)، ففعل عمر، فقلت: يا عمر، كل علامات النبوة قد عرفتها
في وجه رسول الله a إلا اثنتين لم أخبر هما منه،
يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فقد خبرتهما، فأشهدك أني رضيت