الكثيرة بينه وبينها، فلا تصله أشعتها إلا
باهتة فانية ميتة.
قلت: فأنت تعرضت لها تعرضا كليا.. ولم تنحجب
عنها بأي حجاب؟
قال: لا يزال الرجل عالماً ما تعلم فإذا ترك
التعلم، وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون[1].. فمن زعم أنه كما وصفت، فهو
محجوب بقدر زعمه.. ألا تعلم أنه لا مستقر إلا عند ربك؟
قلت: بلى.. ولكن كيف كان هناك ورثة إذن؟
قال: الوارث لا يعني المورث.. الوارث سائر
خلف المورث.. ومن سار خلف المورث، فلن يتخلف عن المورث.
قلت: أيمكن للشخص أن يتخلف عن مورثه؟
قال: أجل.. إن اختار أن يسير خلف غيره.. لقد
أمر رسول الله a بعض أصحابه عندما رآه يحمل
الصحيفة أن يوحد وجهته.. وقد أخبر الذين تربوا على يد رسول الله a أن رسول الله a كان يفرغهم، ثم يملؤهم.
قلت: لم؟
قال: لتصح نسبتهم إلى رسول الله.. فلا يمكن
للوارث أن يرث من لم تصح نسبته إليه.
قلت: طوبى لك.. لقد ورثت الإسلام كابرا عن
كابر، فلذلك أتيح لك ما لم يتح لغيرك.
قال: الإسلام لا يورث.. وإن شئت أن أحدثك عن
نفسي.. فإني لم أسمع بأن أحد آبائي كان مسلما.
تعجبت كثيرا لما قال، وقلت: على أي دين
كانوا؟
قال: لقد تقلبت بهم الأديان كما تقلبت بهم
البلدان..