اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 298
لقد قال الرسول a لعمه أبى طالب: (يا عماه، والله لو
وضعوا الشمس فى يمينى، والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى
يظهره الله أو أهلك فيه)
لقد وردت الروايات الكثيرة تخبر عن
الجهود الجبارة التي بذلها المشركون ليحولوا رسول الله a عن المسار الذي اختباره الله له، لكن
النبي a لم يساوم في دينه، وهو في أحرج
المواقف العصبية في مكة.. أو هو محاصر بدعوته، وأصحابه القلائل يتخطفون ويعذبون
ويؤذون في الله أشد الإيذاء وهم صابرون.. ولم يسكت عن كلمة واحدة ينبغي أن تقال
في وجوه المتجبرين تأليفاً لقلوبهم أو دفعاً لأذاهم.
من صور المساومة التي حاولت أن تثني رسول
الله a عن ذلك التجرد الذي تجرده
للحق.. ما حدث به ابن اسحق قال: اعترض رسول الله a وهو يطوف بالكعبة ـ فيما بلغني ـ الأسود
بن المطلب بن أسد ابن عبد العزى والوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، والعاص بن
وائل السهمي. وكانوا ذوي أسنان في قومهم. فقالوا: يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد،
وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر. فإن كان الذي تعبد خيراً مما نعبد كنا
قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيراً مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه! فأنزل
الله تعالى فيهم (سورة الكافرون).
لقد كانت تلك السورة القصيرة بآياتها،
العظيمة بمعانيها هي سورة البراءة والتجرد التام للحق من كل شائبة من شوائب الهوى
والشرك والباطل..
***
في ذلك الحين.. دخل علينا رجل لم أكن
أعرفه من قبل.. ما سمعنا نتحدث بتلك الأحاديث حتى راح يندمج معنا اندماجا كليا،
وكأنه قد وجد ضالته لدينا.. ولذلك ما انتهى بديع الزمان من حديثه حتى راح يسأله
قائلا: يا إمام.. أنا من غير هذه البلاد.. لقد لجأت إليك من بلاد بعيدة.. رأيت
فيها من قومي من يمارس من الأساليب ما لم أرتضه.. بل ما رأيت أنه
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 298