اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 297
التفت إلي، وقال: هل أنا عبد سعيد[1]، أم أنا عبد الله؟
قلت: بل أنت.. ونحن جميعا.. وكل ما في
الكون عباد لله.
قال: فهل عبد الله هو الذي يعبد الله كما
أمر الله، أم يعبد الله كما أمر هواه؟
قلت: بل يعبده بما أمر بأن يعبد به.
قال: فماذا أفعل في التعاليم المقدسة
التي أمرني الله فيها بألا أترك الدعوة إليه.. ماذا أفعل في تلك النصوص المقدسة
التي تأمرني أن أطرح جلابيب الكسل، وأتزر بإزار الجد والقيام..
ألم تسمع إلى الله وهو يخاطبنا
بقوله:﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)﴾
(المدثر)؟
قلت: بلى.. سمعتها.. ولكن الخطاب موجه
فيها لمحمد باعتباره رسولا لله.. وليس الخطاب فيها لسعيد، ولا لغير سعيد.
قال: الوارث الكامل لرسول الله a هو الذي ينصبغ بصبغته، فلا يتخذ غيره
أسوة.. ولذلك تجده يشعر أن كل خطاب موجه لرسول الله موجه له، وأن كل دعوة لرسول
الله هي دعوة له، وأن كل هم اهتم به رسول الله a هو هم له.. لا يسعه أن يتركه أو يتكاسل
عنه.
ألم تسمع إلى الله، وهو يبين ذلك التجرد
الكامل لرسول الله a للدعوة إلى الله.. فلم تحل بينه
وبينها الحوائل، ولم تبعده عنها المغريات.. لقد قال الله تعالى يخاطبه، ويخاطب ورثته:﴿
فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ
(9)﴾ (القلم)
لقد كان جميع الذين اجتمعوا لحرب رسول
الله a لا يهتمون بشيء كاهتمامهم بأن
يترك a ذلك التجرد للحق، ثم يلين لما
يطلبون، ويداهن كما يداهن المنافقون.. لكن محمدا a كان كالجبل الأشم لم يخضع ولم يساير ولم
يصانع ولم يداهن: