اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 296
فكل فرد من هذه الجماعة يدعو للجماعة
كلها بقوله:﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (الفاتحة:6)، فهذه الآية الكريمة تصبح بمثابة دعاء وشفيع لكل
فرد من أفراد الجماعة..)[1]
أنا شخصيا كنت أنشرح كثيراً عندما أصلي
مقتدياً به، مع أني لم أكن ذلك الحين إلا مجرد ممثل يريد أن يبحث عن الحقيقة،
ويتيقن بها يقينا لا يزاحمه الشك.
لقد كان قيامه للصلاة يزيد الإنسان رهبة
وخشوعاً، وكان يرشدنا إلى أن التسبيحات والأذكار عقب الصلاة إنما هي بحكم نوى
للصلاة وبذورها، وكان يسبّح ويذكر الله بصوت رخيم حزين، فعندما يقول: سبحان الله..
سبحان الله كنا نسمعه يصدر على مهل من أعماق أعماق قلبه.
وعندما كان يقول: لا اله الاّ الله،
ويبدأ بالتسبيحات ويستمر بها يصبح صوته كفرقعة المدافع في قوته وشدته، فلو كان
عنده شخص من الصوفية لأخذته الجذبة والشوق.
وكان من عاداته أنه كان يقضي الليالي بالتسبيح
والتهليل والدعاء والمناجاة والتهجد، وكان على وضوء دائم، وكان جيرانه في إسپارطة
وبارلا واميرداغ يقولون لنا: (كلما نظرنا إلى بيت الأستاذ في الليل رأينا مصباحه
الخافت مضاء ونسمع أنين أذكاره الحزين ودعاءه الرقيق)
***
بعد أن رأيت هذا وغيره منه ـ مما لا يمكن
وصفه ـ سألته، ولم يكن معي حينها غيره: يا إمام.. أرى عليك سيما العباد والزهاد..
وأرى في عينيك أشواق الأولياء والعارفين.. فلم لا تتمحض لهذا، وتتفرغ للعبادة،
وحينها لن يصيبك أي بأس.. لن تبحث عنك الشرطة، ولن تسجن في سجونها، ولن يحذر منك
أي أحد؟
[1] جمع الباحث الفاضل (نجم الدين شاهين أر) مشاهدات معظم الذين عاصروا
الأستاذ النورسي وسجّل ذكرياتهم عنه في أربعة مجلدات موسومة بـ Son sahitler وترجمت مقتطفات منها،
ونشرت باسم (ذكريات عن سعيد النورسي)، والمنقول هنا بعض الأحداث المرتبطة بتلك
الذكريات.
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 296