وأنا أعجب من العقل المادي في استنكاره
للمعاني التي يحملها صوت الرعد، وهو لا يستنكر المعاني التي تحملها أصواته، وهي في
حقيقتها المادية كذلك لا تعدوا أن تكون مجرد ارتطامات للهواء الخارج من الرئتين
بالحبال الصوتية وبمخارج الصوت.
فكلا الأمرين له تفسيره المادي، والذي لا
ينافي في الذهن العلمي تفسيره الغيبي، وإلا صرنا بلها لا نعتقد في الوجود إلا ما
تمتد إليه حواسنا القاصرة.
ثم ما الغرابة في اعتبار الكهربائية التي
أنتجت الرعد خلقا من خلق الله له روحه وإدراكه ووعيه؟.. فلا غرابة في ازدحام هذا
الفضاء الواسع والسموات ذات البروج والأنجم والكواكب كلها بالأحياء وبذوي الادراك
والشعور، ولا مانع بناء على هذا أن يخلق الله ذوي مشاعر من النور والنار ومن الضوء
والظلام والهواء ومن الصوت والرائحة ومن الكلمات والأثير وحتى من الكهرباء وسائر
السيالات اللطيفة الاخرى[1].
الشمول:
في اليوم الثالث طلب مني الباقر أن نسير
إلى بعض الكليات الجامعية التي تمتلئ بها القاهرة.. فسرت معه.. وكانت أول كلية
زرناها كلية طبية مختصة في أمراض العيون.. فطلب مني أن أسأل بعض أساتذتها عن مسألة
هندسية، فقلت له: أتريد أن يسخر مني.. إن هذه كلية طب.. وليست كلية هندسة.. إن شئت
الهندسة، فهلم نذهب إلى كليات الهندسة.
قال: ما دامت كلية طب.. فاسأله عن أمراض
المعدة.
قلت: أراك لا تزال تسخر مني.. هذه كلية
مختصة بأمراض العيون، ولا علاقة لها بما تسأل عنه.. إن شئت أن تبحث عن هذا، فهلم
بنا إلى الكلية المختصة بأمراض الجهاز الهضمي.
[1] ذكرنا المسألة بتفصيل في رسالة (أهل الله) عند الحديث عن
الملائكة ـ عليهم السلام ـ
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 261