responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 201

قال: بل ستدخل وحدك.. أما أنا فلن يشق علي أن أزوره في أي حين أردت.

دخلت بيتا بسيطا متواضعا، جلس على كرسي من كراسيه شيخ كبير قد عضته السنون بنابها، لكن ملامح الشباب والقوة لا تزال تعمر جوارحه، وكأنه شاب لبس لباس شيخ، أو كأنه شيخ احتفظ بإكسير الشباب ليضمخ به شيخوخته.

ووجدت بجانبه رجلا كهلا قد مد يده يصافحه، وكأنه يهم بالمغادرة، وهو يقول له: سيدي.. يا طبيب القلوب.. قد عرفت الرحم التي بيننا، فأوصني.

فدمعت عينا أويس، ثم قال: (يا أخي، إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي بهم ذلك إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادا لما بين يديها فافعل، فإن انقطاع السفر عن قريب، والأمر أعجل من ذلك، فتزود لسفرك واقض ما أنت قاض من أمرك، فكأنك بالأمر قد بغتك، إني لأقول لك هذا وما أعلم أحدا أشد تضييعا مني لذلك)[1]

التصور:

انصرف الرجل، وبقيت وحدي، فالتفت إلي، وقال، والابتسامة تشع من محياه: يزعم الناس أني زاهد، فلا تقل قولهم.. فإن الزاهد من زهد في الحقير، لا من زهد في العظيم.. الزاهد من باع سعادة الأبد بسعادة وهمية سرعان ما ينكشف له عوارها[2].


[1] هذه الوصية مروية عن داود الطائي رواها محمد بن أشكاب قال: حدثني رجل من أهل داود الطائي قال: قلت له يوما: ما أبا سليمان قد عرفت الرحم التي بيننا فأوصني، قال:.. ثم ذكر الوصية. (صفة الصفوة)

[2] حدث أبو محمد العابد قال: دخل أبو يوسف على داود الطائي فقال له: ما رأيت أحدا رضي من الدنيا بمثل ما رضيت به فقال: يا يعقوب من رضي الدنيا كلها عوضا عن الآخرة فذاك الذي رضي بأقل مما رضيت.

وقال حماد لداود الطائي: يا أبا سليمان لقد رضيت من الدنيا باليسير. قال: أفلا أدلك على من رضي بأقل من ذلك؟ من رضي بالدنيا كلها عوضا عن الآخرة.

اسم الکتاب : النبي الإنسان المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست