التفت إلي، وقال: انظر.. لقد ذكر رسول الله a أن هؤلاء يقولون من قول خير
البرية.. وذكر أنهم يقرأون القرآن لا يتجاوز تراقيهم.. ثم أمر بعد ذلك بما أمر به.
قلت: فسبب ذلك أنهم لم يتوحدوا في رسول الله a إذن؟
قال: أجل.. لقد اكتفوا من رسول الله a بظاهره.. بلباسه، ولحيته،
وقراءته.. فراحوا يعمرون بها أجسادهم.. أما قلوبهم وعقولهم وأرواحهم وأسرارهم، فقد
أسلموها الأبي جهل وإخوان أبي جهل.
قلت: فرسول الله a أمر الأمة إذن بأن تفنى في شخص رسولها، فلا يبقى في شخصها حظ
من نفسها؟
قال: أجل.. لأن رسول الله a هو النموذج الأعلى للإنسان.. ولا
يمكن لشخص أن يصل إلى الكمال في أي لطيفة من لطائفه إلا بعد أن يتحول قالبه إلى
القالب الذي كان عليه رسول الله a.
قلت: ألا ترى أن ما تقوله خطير أو مناف لعقيدتنا في رسول الله a؟
قال: لا.. هذا هو لب العقيدة في رسول الله a.. فالله تعالى جعل رسوله أسوة، قال
تعالى:﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ
كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾ (الأحزاب:21)..
ألا ترى أن الآية جاءت مطلقة.. فلم تحدد موضع الأسوة؟
قلت: أجل..
قال: ولذلك كان من حصر التأسي في حال من الأحوال أو عمل من
الأعمال بعيدا عن رسول الله a بقدر حصره وبقدر بعده.. ألم تسمع الأصوليون، وهم يرددون كل حين
(لا تخصيص بدون مخصص.. ولا تقييد بدون مقيد)
قلت: بلى..
قال: فمن حصر سنة رسول الله التي تمثل شخص رسول الله في بعض
الظواهر