اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 456
أمام التطلع إلى أشياء هذا العالم، لقد
أصبح القديسين الدائر حول محور الله عالما إنسانيا محوره هذا العالم والحياة التى
كانت تسير بهذا الكتاب المقدس، ولم يعد العالم مكاناً حيث العناية الإلهية دائمة
الحضور والفعل تضبط وتدير كل ما يحدث حتى التافه منه (!) حتى الله ذاته لم يعد
شخصياً، أبا يحب ويرهب، بل أصبح قوة عاقلة سحيقة البعد لا شخصية، (علة أولى) أدارت
الآلة وتركتها تعمل بنظام كامل وفق نواميس رياضية وفيزيائية ويسوع ابن الله أصبح
يسوع ابن الإنسان(؟!))
(ولم
يعد موضوع البحث للجنس البشرى هو الله، بل الإنسان)
(وتحسين
حال الإنسان يمكن توقعها لا عن طريق الدين بقدر ما يمكن توقعها عن طريق العلم
والتربية والسياسة التى بها يستطاع إصلاح المجتمع)
هذه هي الميزة الأول للرومانسية، وعنها نشأ (تأكيدها على سيادة
القلب وحياة النفس الداخلية).. أي حصر كل الاهتمامات فى حدود الكائن البشرى، بل فى
أعماق النفس الفردية.
ولهذا ينتقد الرومانسيون الكلاسيكية بأن الهدف منها تصوير
البشر، لا كما هم فعلياً ولكن كما هم مثالياً..مما جعل الأدب تقليدا وليس تعبيراً،
ولذلك فقد أهمل الرومانسيون الملاحم وحوروا المسرحيات، ونحوا بالأدب منحى شخصياً
داخلياً، فالكتابة الفنية تأتى فى صورة اعترافات أو سيرة ذاتية والشعر يصبح غنائيا
عاطفياً يعبر عن المعانى الوجدانية للبشر كالعشق والفرح والألم ويبتغى ـ بالدرجة
الأولى ـ إثارة السامع وامتاعه.
وكان من أبرز العوامل الاجتماعية المهيئة لذلك طابع الفروسية
التى كانت فى ريعان شبابها إذ احتضنت الرومانسية حتى اندمجت فى كيانها، وأصبح
الرومانسيون اللسان المعبر عن الحياة الفروسية بخصائصها وفضائلها.
وقد أفصح بعض زعماء المذهب عن علاقة (رد الفعل) القائمة بين
الاتجاه الرومانسى والمسيحية، فالمسيحية كما عرفوها تكبت الإنسان و(تصيبه
بالميلانخوليا)، ومن ثم فهى
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 456