responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 453

العصور)[1]

وبذلك بدأ الانحراف الثاني للفن.. وهو الانحراف عن غاية التهذيب..

وذلك شيء منطقي.. فكل فن يبتعد عن التوحيد لابد أن يبتعد عن التهذيب.. ويكون بعده عن التهذيب بقدر بعده عن التوحيد.

وبما أن هذا المذهب ابتعد كثيرا عن التوحيد.. فقد ابتعد بمثل ذلك عن التهذيب..

لقد عاد المذهب المناهض للكنيسة وللرهبانية، فأحيا الإباحة الرومانية، وأعاد معها إحياء المذهب الأبيقورى فى التمتع بضروب الملذات والانغماس في الشهوات الجسدية.

وهكذا كان عصر النهضة يتسم بطابع كلاسيكى خاص يقدس الجسد، ويعبد اللذة فى وقت لا تزال الرهبانية فيه هى المثل الأعلى، ووجه زعماء ذلك العصر أنظار الناس إلى مثالب الرهبانية بحجة منافاتها (للإنسانية)، وهو الوصف الذى كانوا يتسترون به.

وكمثال على ذلك هذه القصيدة المبتذلة:

نحن فى تجوالنا مغتبطون مشرقون …

نأكل حتى الشبع نشرب حتى الثمالة …

نمرح إلى الأبد ننهل من الجحيم …

تلتصق صدور بعضنا ببعضنا …

وعندما نشأ أدب علمانى عامى لم يجد إلا أن يصدر من نفس التمتع الوثنى بخيرات الحياة الرفيع منها والوضيع، فالشعراء المغنون (التروبادور) حولوا الفروسية المسيحية إلى تمجيد للحب الإنسانى … ومن الجدير بالملاحظة أن أكثر هذه القصائد صراحة وواقعية نشأت من الثقافة البرجوازية فى المدن، فالأقاصيص الفرنسية البذيئة وصفت بصورة حاذقة التمتع


[1] كتب غيرت وجه العالم: مقتطفات: من 362 – 368.

اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 453
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست