اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 440
ليس
الجمال بأثوابٍ تزينُنا إِن الجمالَ جمالُ العقلِ والأدبِ
فانتفض الرجل من مكانه، وأسرع يحث الخطا إلي، وقال: أعد علي ما
كنت تقرأ.
أعدت عليه البيت، لكن بقراءة سريعة له..
قال: لا.. أعده كما كنت تقرؤه.. فلا ينبغي
أن يهان الشعر هكذا.
أعدت قراءته كما طلب مني، فقال: أرأيت.. هذا هو الأدب.. وهذا هو
الفن.. وهذا هو الذوق الرفيع الذي يرفع الإنسان إلى الإنسان.
قلت: أراك مهتما بالأدب العربي.. ألك علاقة بالعرب؟.. أم أنك
عربي؟
قال: أنا لم يجذبني إلى هذا الأدب كونه
عربيا؟
قلت: فما الذي جذبك إليه؟
قال: أنا رجل أحب الفنون الرفيعة، وأشعر أن
إنسانية الإنسانية لا تكتمل إلا بالفن الرفيع الذي ينمي ذوقه، ويصقل مداركه،
ويحيله طائرا جميلا يحلق في سماء الكون.
قلت: ما دمت بهذه الصورة.. فارحل إلى أمريكا.. ففيها بلدة يقال
لها (هوليود) تنتج في كل يوم من أنواع الفنون ما أنتجته البشرية في عمرها جميعا.
قال: قد عرفت تلك البلدة.. وسكنت فيها..
وامتلأت بالغثاء منها ومن أهلها ومن فنها.
قلت: فاذهب إذن إلى المتاحف العالمية.. هنا في باريس واحد
منها.. اذهب وانظر إلى تلك اللوحات الزيتية التي تباع بملايين الدولارات..
قال: قد ذهبت.. ولكني لم أشعر بشيء.. تلك
اللوحات لا تمثل لي أي شيء.. لأن كل شخص يقرأ منها ما يشاء.
قلت: وما الحرج في ذلك؟
قال: أنا أبحث عن الفن الرفيع الذي
يرفعني.. لا الفن الذي يضعني أو يحدث في تأثيرا مؤقتا سرعان ما يزول.
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 440