اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 269
وبدأ الخوف من تفكك الجيش وفرار الجنود يساور القادة، فعمدوا
إلى بعض الحيل الدينية لصد هذا الخطر وربط الجنود برباط العقيدة.. ومن تلك الحيل
التى روجوا لها ما رواه المؤرخون عن ظهور المسيح والعذراء أمام الجنود الهيابين
ووعدهم بالصفح عن الخطايا والخلود فى الجنة إذا ما استماتوا فى معاركهم ضد
المسلمين..
غير أن هذا الأسلوب النظرى لم يلهب حماس الجنود، ولم يحقق الغرض
الذى ابتدعه الصليبيون من أجله، فكان لا بد من أسلوب آخر ينطوى على واقعة مادية
يكون من شأنها إعادة الإيمان إلى القلوب التى استبد بها اليأس، وتقوية العزائم
التى أوهنتها الحرب، وهنا أذيع بين الجنود قصة اكتشاف الرمح المقدس..
تلك الواقعة التى روى تفاصيلها المؤرخ (جيبون) فضلاً عن غيره من
المؤرخين المعاصرين. قال: إن قساً يدعى بطرس بارتلمى من التابعين لأسقفية
(مارسيليا) منحرف الخلق ذا عقلية شاذة، وتفكير ملتو معقد زعم لمجلس قيادة الحملة
الصليبية، أن قديساً يدعى (أندريه) زاره أثناء نومه، وهدده بأشد العقوبات إن هو
خالف أوامر السماء، ثم أفضى إليه بأن الرمح الذى اخترق قلب المسيح مدفون بجوار
كنيسة القديس بطرس فى مدينة (انطاكيا)، فروى (بارتلمى) هذه الرؤيا لمجلس قيادة
الجيش، وأخبرهم بأن هذا القديس الذى طاف به فى منامه قد طلب إليه أن يبادر إلى حفر
أرض المحراب لمدة أيام ثلاثة، تظهر بعدها (أداة الخلود) التى تخلص المسيحيين
جميعاً، وأن القديس قال له: ابحثوا تجدوا.. ثم ارفعوا الرمح وسط الجيش، وسوف يمرق
الرمح ليصيب أرواح أعدائكم المسلمين..
وأعلن القس (بارتلمى) اسم أحد النبلاء ليكون حارساً للرمح،
واستمرت طقوس العبادة من صوم وصلاة ثلاثة أيام دخل فى نهايتها اثنا عشر رجلاً
ليقوموا بالحفر والتنقيب عن الرمح فى محراب الكنيسة.
لكن أعمال الحفر والتنقيب التى توغلت فى عمق الأرض اثنى عشر
قدماً لم تسفر عن
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 269