اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 264
تضمنتها أدعية المسلمين.
قلت: ولكني أرى بدعا كثيرة دخلت.. فهناك أنواع من المناجاة لم
ترد في النصوص المقدسة.. ومع ذلك أرى المسلمين يلهجون بذكرها.
قالت: لقد بحثت في تلك الأنواع أيضا.. فرأيتها تصب فيما ورد في
النصوص.. لقد صب الصالحون من المسلمين ممن أوتو قدرات بلاغية عالية المعاني
الروحية الرقيقة في صورة أدعية وابتهالات ومناجاة لتكون معراجا يرقى بالمريدين إلى
الله.
ولا أرى فيها أي بدعة.. فقد كان محمد يقر ما يقوله أصحابه من
أدعية ومن أنواع الأذكار ما لم يخالف ما ورد في العقيدة الإسلامية من حقائق.
سأذكر لك نموذجا من هذا النوع لترى فيه كيف تنتظم المعاني
الروحية العالية في مناجاة رقيقة.
هذه المناجاة هي المناجاة المنسوبة للإمام الحسين، وينسبها
بعضهم لابن عطاء الله..
اسمع ما يقول: (إلـهي أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيراً
في فقري؟!.. إلـهي أنا الجاهل في علمي فكيف لا أكون جهولاً في جهلي؟!)
إن هذه المناجاة.. بل هذه الحكمة مما يميز الروحانية
الإسلامية.. إنها روحانية افتقار إلى الله.. ولجوء إلى الله.. وانطراح بين يدي
الله.. وهو تصديق لما ورد في القرآن:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ
وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (فاطر:15)
ولذلك.. فإن هذا الفقر يملأ صاحبه بالتواضع لله.. ولخلق الله..
وتجعله في قمة السلام بينه وبين نفسه، وبينه وبين الله.. وبينه وبين الخلق.
ثم يقول: (إلـهي إن اختلاف تدبيرك، وسرعة حلول مقاديرك، منعا
عبادك العارفين بك عن السكون إلى عطاء واليأس منك في بلاء)
هذه ناحية أخرى مهمة تجعل العارفين من المؤمنين.. بل تجعل
العوام منهم متوجهين
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 264