اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 205
بدافع الغريزة، بغير وعي منه لما يفعل، ولا وعي منه بأنه يقوم
بما يقوم به من أعمال وتصرفات لتحقيق هذين الهدفين الرئيسيين في حياته.
أما الحيوان المتطور الذي هو الإنسان، فقد اكتسب الوعي حين كبر
مخه نتيجة انتصاب قامته، فلم تعد كل أعماله غريزية، بل حتى الغريزي منها صار
يمارسه بوعي، يبدأ بإدراك الرغبة وينتهي إلى تحقيقها مرورا بالبحث عن الوسائل
المادية إلى إشباعها.. ولكن الأهداف تبقى هي الأهداف.. وهي صراع البقاء
والاستمتاع.
أما الحيوان، فهو يستخدم قوته العضلية ليأخذ مكانه في صراع
البقاء، وليحصل على ضروراته، وأحيانا يستخدم الحيلة، ولكن بوحي الغريزة، وفي
نطاقها.
وأما الحيوان المتطور فهو ـ إلى جانب عضلاته ـ يستخدم الأداة
المستجدة التي اكتسبها في تطوره، وهي العقل، وكلما ارتقى صار استخدامه للعقل
أوسع مدى وأكثر فاعلية، وذلك فضلا عما يتيحه له التطور الآخر ـ تطور إبهامه ـ من
استخدام أدوات لا حصر لها لتحقيق أهدافه.
وأما الاستمتاع فقد ارتقى كذلك مع الحيوان المتطور، باستخدام
التطورين الرئيسيين في كيانه، فدخل فيه العقل على نطاق واسع، يستجد فيه كل حين
لونا جديدا من ألوان الاستمتاع، ويستخدم في سبيل ذلك مزيدا من الأدوات يخترعها
العقل، وتستخدمها اليد ذات الإبهام المتطور.
ونشأ من ذلك التطور الحضارة..
فالحضارة بهذا هي حصيلة سعى الإنسان لإثبات ذاته في صراع
البقاء، وسعيه إلى الاستمتاع من جانب آخر..
فسعيه إلى إثبات ذاته في صراع البقاء يتمثل في القوة الحربية،
والقوة السياسية، والقوة العلمية، والقوة الاقتصادية.
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 205