اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 160
اعتراض عليه في ذاته، ولا إنكار على من يحس بهذه الشهوات.
قلت: فالإسلام إذن دين إباحي؟
قال: أنت تتصور أن أمر الغرائز إما أن يكون
كبتا، وإما أن يكون إباحية؟
قلت: أنا أذكر ما يقولون.. فهل ترى أن هناك
منطقة وسط بينهما؟
قال: أجل.. وقد وضع لها الإسلام منظومة من
الشرائع والتوجيهات لا يكفي هذا المحل لسردها جميعا.
فالإسلام لا يبيح للبشر أن يهبطوا لعالم
الحيوان بحجة مقاومة الكبت.. لأن هناك فرقاً هائلاً بين هذا وبين الكبت اللاشعوري،
أي أن هناك فرقا بين استقذار هذه الشهوات في ذاتها، ومحاولة الامتناع عن الإحساس
بها رغبة في التطهر والارتفاع.
وطريقة الإسلام في معاملة النفس الإنسانية هي الاعتراف بالدوافع
الفطرية كلها من حيث المبدأ، وعدم كبتها في اللاشعور، ثم إباحة التنفيذ العملي لها
في الحدود التي تعطي قسطاً معقولاً من المتاع، وتمنع وقوع الضرر سواء على فرد
بعينه، أو على المجموع كله.
والضرر الذي يحدث للفرد من استغراقه في الشهوات، هو إفناء طاقته
الحيوية قبل موعدها الطبيعي، واستعباد الشهوات له بحيث تصبح شغله الشاغل، وهمه
المقيم، فتصبح بعد فترة عذاباً دائماً لا يهدأ، وجوعة دائمة لا تشبع ولا تستقر.
أما الضرر الذي يحدث للمجتمع، فهو استنفاد الطاقة الحيوية التي
خلقها الله لأهداف شتى، في هدف واحد قريب، وإهمال الأهداف الأخرى الجديرة
بالتحقيق، فضلاً عن تحطيم كيان الأسرة، وفك روابط المجتمع، وتحويله إلى جماعات
متفرقة لا يجمعها رابط ولا هدف مشترك.
وفي هذه الحدود التي تمنع الضرر يبيح الإسلام الاستمتاع بطيبات
الحياة، بل يدعو إليها دعوة صريحة فيقول مستنكراً على من حرمها:﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي
أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 160