اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 159
قلت: فما هو الكبت إذن؟
قال: الكبت في الحقيقة هو استقذار الدافع
الغريزي في ذاته، وعدم اعتراف الإنسان بينه وبين نفسه أن هذا الدافع يجوز أن يخطر
في باله أو يشغل تفكيره.
والكبت بهذا المعنى مسألة لا شعورية، والعمل الغريزي قد لا يكفي
وحده لعلاجها.. فالذي يأتي هذا العمل، وفي شعوره أنه يرتكب قذارة لا تليق به، شخص
يعاني الكبت حتى ولو فعل هذا عشرين مرة كل يوم.. لأن الصراع سيقوم في داخل نفسه كل
مرة بين ما عمله وما كان يجب أن يعمله.
وهذا الشد والجذب في الشعور وفي اللاشعور هو الذي ينشئ العقد
والاضطرابات النفسية.
قلت: هذا تفسيرك للكبت؟
قال: لا.. بل هذا تفسير علماء النفس
أنفسهم.. بل هو تفسير فرويد نفسه الذي أنفق حياته العلمية كلها في هذه المباحث،
وفي التنديد بالدين الذي يكبت نشاط البشرية. فهو يقول: (ويجب أن نفرق تفريقاً حاسماً بين هذا
(الكبت الشعوري)، وبين عدم الإتيان بالعمل الغريزي، فهذا مجرد (تعليق للعمل)
قلت: فهل ترى هذا التفسير كافيا لدفع هذه الشبهة عن الإسلام؟
قال: هذه الشبهة لا تقع إلا من دين ينفر من
الغرائز، ويدعو إلى كبتها.. والإسلام لم يفعل هذا.. بل ليس في أديان العالم ونظمه
ما هو أصرح من الإسلام في الاعتراف بالدوافع الفطرية، وتنظيف مكانها في الفكر
والشعور.. فالقرآن يقول:﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ
وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ
الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ (آل عمران:14)
ففي هذه الآية يجمع القرآن شهوات الأرض، ويقرر أنها أمر واقع
مزين للناس، لا
اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 159