اسم الکتاب : ثمار من شجرة النبوة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 158
الطهارة والبراءة والعفاف تقتضي منظومة كاملة.. وللأسف لم أجد
في أي دين من الأديان ولا فلسفة من الفلسفات هذه المنظومة فيما عدا الإسلام.
قلت: إن من قومنا من يعتبرون موقف الإسلام من هذا.. ودعوته
الملحة للعفاف نوعا من الكبت الذي لا ينسجم مع الفطرة السوية.. ففي الإنسان
غرائز.. والمواقف السليم من الغرائز أن تطلق لا أن تحد[1].
قال: أنت تذكرني بمواقف كثير من علماء النفس
عندنا.. وموقفهم من الدين.. فقد ذكروا أن الدين يكبت النشاط الحيوي للإنسان، ويظل
ينكّد عليه حياته نتيجة الشعور بالإثم، ذلك الشعور الذي يستولي على المتدينين
خاصة، فيخيل لهم أن كل ما يصنعونه خطايا لا يطهرها إلا الامتناع عن ملذات الحياة.
ولهذا ظلت أوربا غارقة في الظلام طيلة
تمسكها بالدين، فلما نبذت قيود الدين تحررت مشاعرها من الداخل، وانطلقت في عالم
العمل والإنتاج.
قلت: أجل.. إنك تردد ما يقولونه بدقة.. أفلا ترى في هذا القول
حجة كافية للرد على الإسلام في موقفه من العفاف؟
قال: إن الرد على هذا يحوجنا إلى التعرف على
معنى (الكبت)، فإن هذه اللفظة كثيراً ما يساء فهمها واستخدامها في كلام المثقفين،
فضلاً عن العوام والمقلدين.
قلت: الكبت على حسب ما أعرف.. على حسب ما
يقولون.. هو الامتناع عن إتيان العمل الغريزي.
قال: لا.. ليس هو الكبت هو الامتناع.. وإلا
لكان كل الإنسان حدثته نفسه بفاحشة من الفواحش، فلم يقع فيها مصابا بالكبت.