اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 640
باستنبات النبات وعمارة الأرض
بفضل.. لقد روى أن رجلاً مر بأبي الدرداء وهو يغرس جوزة، فقال: أتغرس هذه وأنت شيخ
كبير وهي لا تثمر إلا في كذا وكذا عاما، فقال أبو الدرداء: (ما علي أن يكون لي
أجرها ويأكل منها غيري؟)
ومع هذا كله، فإن نبينا a
نهانا أن نقطع الأشجار إلا للضرورة الشديدة.. ففي الحديث:( من قطع سدرة صوب الله
رأسه في النار)[1]
قاطعته قائلا: أمن الضرورات
الحروب.. ففي الحروب عندنا تحرق الغابات، وتقتل الحياة.
قال: لا.. حتى في الحروب.. لقد
كان a يوصي أصحابه أن لا يحاربوا إلا من حاربهم.. وبما أن الأشجار لا
تحارب، فلا يحق لأحد أن يحاربها.. لقد كان a يوصي أصحابه
في الحرب، ويقول لهم:( ولا تعقرن شجراً قد أثمر، ولا تحرقن نخلاً، ولا تقطعنّ
كرماً)[2]
بل إن القرآن الكريم اعتبر
إتلاف الحرث من الإفساد في الأرض، قال تعالى :﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي
الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا
يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ (البقرة:205)
^^^
تركت الشيخ مع فأسه وشجيراته
وسرت، فوجدت رجلا يحمل على بهيمة بعض المتاع، ثم ينظر إليها كل حين، فاقتربت منه،
وسألته عن سر تصرفه هذا، فقال: أنا أعرف دابتي.. وأعرف الطاقة التي تستطيع تحملها،
فلذلك تعودت أن أنظر إلى وجهها لأرى مدى تحملها.
قلت: أنت رجل رقيق القلب.
قال: كل مسلم ينبغي كذلك..
وإلا فسينال من عذاب الله ما يعيد لقلبه رقته.