responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 495

يحتفـظ بنفسـه قوياً نقياً حتى يضـمن لنفسه البقاء والتماسك العضوي.

وقد كان من الطبيعي بعد هذا أن يصنف أعضاء الأجناس الأدنى باعتبارهم غير نافعين من منظور المطلق العرْقي لأنهم خطر على تماسك العرْق وعلى تجانسه، وعدم التماسك يؤذي المصلحة العليا للدولة، لأن التماسك يؤدي إلى زيادة الكفاءة الإنتاجية، وإلى زيادة قوة الدولة في مقدرتها على البقاء والانتشار والهيمنة.

لقد أثمرت هذه الأفكار كثيرا من المرارات الذي صلي بشر كثير بنارها:

منها أن ذات الدولة تعاظمت.. بل تحولت إلى مقدس.. بل إلى إله.. لا يجوز مسه بأي حال من الأحوال.. بل أصبح الدفاع عن مصلحة الدولة القومية.. ظالمة كانت أم مظلومة.. مسألة لا تقبل النقاش، لا تخضع لأي معيارية.. واعتبر الانحراف عن هذا الهدف النهائي المطلق خيانة العظمى.. وليس لها من عقوبة إلا الإعدام.

ومنها أن مؤسسات بيروقراطية قوية.. حكومية وغير حكومية.. تولت كثيراً من الوظائف التي كانت تتولاها الأسرة في الماضي، وتقوم بعملية الاختيار بالنيابة عن الإنسان الفرد، الأمر الذي زاد في ضمور الحس الخلقي وانكماش رقعة الحياة الخاصة.

وهذه المؤسسات البديلة صارت ترى نفسها ذاتاً مطلقةً تُعبِّر عن مصلحة الدولة.. والتي هي بدورها تُعبِّر عن إرادة الشعب.. وقد جعلت جل همها أن تنفِّذ المطلوب منها تنفيذه بأقل التكاليف وأكثر الوسائل كفاءة، دون أن تأخذ أية اعتبارات خُلقية.

ومنها تزايد معدلات التجريد في المجتمع.. لاشك أنكم لا تعرفون هذا المصطلح.. إنه لا يعني ذلك الذي يريده الصوفية من التجرد لله.. بل هو يعني التجرد لتلك المؤسسات التي لا تعرف القيم ولا تؤمن بها.

لقد نجحت عمليات التجريد المتزايدة في جعل القيمة الأخلاقية شيئاً بعيداً للغاية لا علاقة له بفعل الإنسان المباشر.. سأضرب لكم مثلاً على ذلك من صناعة الأسلحة الكيماوية

اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 495
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست