responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 496

الفتاكة.. ففي صناعة هذا النوع من الأسلحة الخطيرة ـ كما في غيرها كثير ـ تُقسَّم عملية إنتاج المبيد البشري إلى عـدة وظائف صـغيرة، كل وظيفة تُشـكِّل حلقة تؤدي إلى ما بعـدها وحسب.. ولأنها مجرد حلقة، فهي محايدة تماماً ولا معنى لها، إذ لا يوجد أي مضمون خلقي لعملية إضافة محلول لآخر.. ومن ثم، تظل النهاية الأخلاقية، والتي هي حرق البشر وإبادتهم بعيدة للغاية.. والعامل أو الموظف المسئول عن هذه الحلقة سيبذل قصارى جهده في أداء عمله الموكل إليه دون أية أعباء أخلاقية، ومن ثم تستمر الآلة الجهنمية في الدوران من خلال الحلقات والتروس، ولا يتحمل أي شخص مسئولية إبادة البشر، إذ أن مسئولية العامل أو الموظف مسئولية فنية وليست مسئولية أخلاقية.

أستطيع أن أقول لكم بأن ما تم إنجازه في الحضارة الغربية الحديثة هو القضاء على الشخصية التقليدية ذات الولاء لمطلق خُلقي ثابت يتجاوز عالم المادة والتاريخ، وحلَّت محلها الشخصية الحركية المتغيرة والمتقلبة مع حركة المادة، والتي لا ولاء عندها لأية ثوابت أو مطلقات والمتحررة من أية قيم أو غائية، فهي تعيش في عالم الواحدية المادية المعقم من القيم المتجاوزة.

هذه الشخصية يمكن أن تتبدَّى من خلال إمبريالية داروينية مليئة باليقينية العلمية توظِّف الكون والإنسان لصالحها، ويمكن لها أن تتبدَّى من خلال إذعان أداتي فتصبح شخصية نمطية تعاقدية برجماتية ذات بُعد واحد، تستبطن تماماً النماذج السائدة في المجتمع والتي تروجها الأجهزة الأمنية للمجتمع وضمن ذلك الإعلام، وهي شخصية نسبية هزيلة مهتزة لا تثق في ذاتها ولا رؤيتها ولا هويتها ولا منظوماتها، ولذا يتحدد تَوجُّهها حسب ما يصدر لها من أوامر تأتي لها من عل، ويتحدد ولاؤها استناداً إلى المصلحة المادية المتغيرة التي يتم تعريفها مدنياً وقومياً وعلمياً وموضوعياً من خلال الجهات المسئولة واللجان المتخصصة والسوبرمن، ومن ثم يمكنها أن تطيع الأوامر البرانية وتنفذ التعليمات بدقة متناهية. وهي شخصية ذات عقل أداتي

اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 496
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست