responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 457

هؤلاء الرجال، من دون أن يعمل على تثقيفهم أو تنويرهم.

وقد تجاهل مكيافيلي أي ترابطٍ بين الأخلاق والسياسة، كما شدّدَ على أن الأمير يجب أن يظهر بمظهر الرحيم، والمتدين، والأمين، والأخلاقي. ولكن واقعياً، فإن مركزه لا يُؤهله لكي يمتاز بأي من الخصال السالفة.

لقد استطاع مكيافيلي أن يعري (السياسة) من ذلك القناع الأخلاقي المستمد من الدين، وكشفها عارية من كل أثر للدين أو الأخلاق!

جاء يشرع الجريمة السياسية ويجعلها أصلاً ينبغي للحكام أن يتبعوه!

لقد كان الحكام يسيرون في سياستهم على أساس أن الغاية تبرر الوسيلة، والغاية طبعاً هي غايتهم هم! ولكنهم كانوا – حين يستخدمون الوسائل غير النظيفة لتحقيق غايتهم غير النظيفة – يستترون وراء عبارات براقة تحوى كل نبيل من القيم والمبادئ والأخلاقيات، أما مكيافيلي فإن الجديد الذي أتى به- وهو خطير في ذاته أنه أعطى الوسائل الخسيسة في السياسة شرعية صريحة لامواربة فيها ولا إنكار.

قال رجل منا: ماذا أضاف مكيافيللي من عنده إلى الواقع؟ ألم يكن الواقع خسيساً في غايته ووسائله؟ فكل ما فعل مكيافيللى أنه كان صريحاً بالدرجة التي كشف بها القناع عن الواقع المزيف وجعله حقيقة واقعة!

قال: الفارق العملي كبير.. وقد لا يتضح الفرق في البداية، لأن البداية تكون مجرد مطابقة النظرية للواقع الموجود.. ولكن الفارق يتبين – ويزداد – مع التطبيق.. حين ترتكب المنكر وأنت شاعر بأنه منكر، فستقتصد في ارتكابه فلا تلجأ إليه إلا تحت ضغط قاهر، وستقف في ارتكابه عند الحد الذي ترى أنه لا يطيح بسمعتك كلها أمام الناس، وقد تحاول الرجوع عنه في يوم من الأيام، أما حين يكتسب المنكر في حسك الشرعية فلماذا تقتصد في ارتكابه، ولماذا تقف عند حد من الحدود ؟!

اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 457
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست