responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 367

دخلوا القصر، حتى غلبتْ عليهم شهواتُهم، فلم يعودوا يلتفتون إلا لما تشتهيه أنفسُهم من الاطعمة اللذيذة، صارفين أبصارهم عن جميع تلك المحاسن، سادّين آذانهم عن جميع تلك الارشادات الصادرة من ذلك المعلم العظيم، وتوجيهات تلاميذه.. فأقبلوا على المأكولات بشراهة ونهم، كالحيوانات، فأطبقت عليهم الغفلة والنوم وغشيهم السُكرُ، حتى فقدوا أنفسهم لكثرة ما أفرطوا في شرب ما لم يؤذن لهم به فأزعجوا الضيوف الآخرين بجنونهم وعربدتهم، فأساءوا الادب مع قوانين السلطان المعظم وانظمته، لذا أخذهم جنوده وساقوهم الى سجن رهيب لينالوا عقابهم الحق، جزاءً وفاقاً على ما عملوا من سوء الخُلق)

حكى بديع الزمان هذه الحكاية، ثم التفت للأطفال الملتفين به، وقال: الى هنا انتهت القصة يا أبنائي.. وسأختبر ذكاءكم في معرفة العبر التي تختزنها.. فما يوحي إليكم القصر؟

قال طفل من الأطفال الملتفين به: إن القصر ـ سيدنا ـ يشير إلى هذا العالم الذي نعيش فيه.. فهذا العالم المسقف بهذه السماء المتلألئة بالنجوم، والمفروش بهذه الارض المزيّنة بالازهار المتجددة كل يوم.. ليس إلا قصرا بديعه بناه لنا ربنا العظيم.

قال بديع الزمان: وما توحي إليكم أوصاف ذلك القصر التي وصفتها لكم؟

قال طفل آخر: أما منازل ذلك القصر فقد فهمت منها تعدد العوالم التي تزينت كل منها وانتظمت بما يلائمها من مخلوقات الله.. وأما الصنائع الغريبة في ذلك القصر فهي معجزات القدرة الإلهية الظاهرة في عالمنا لكل ذي بصر وبصيرة.. وأما الأطعمة اللذيذة التي فيه، فهي عيون الرحمة الالهية التي تشاهد في كل مكان وفي كل زمان.. وأما ومطبخ ذلك القصر هو سطح الارض وقلبها الذي يتّقد ناراً.

قال بديع الزمان: وما يوحي إليكم ذلك السلطان العظيم صاحب القصر؟

قال طفل آخر: لاشك أنه يدلنا على الله تعالى.. فهو سلطان الأزل والأبد.. وهو الملك القدوس ذو الجلال والاكرام الذي :﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ

اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 367
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست