لقد أخبر الله تعالى في
هذه الآية أن الله تعالى خلق النفس سوية مستقيمة على الفطرة القويمة، وبين أنها في
أصل خلقتها مستعدة لأن توظف ما وهب لها من طاقات في سبل الخبر.. كما أنها مستعدة
لأن توظفها في سبل الشر، كما قال تعالى :﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ
حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ
لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ (الروم: 30)، وكما قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم :( كل مولود يولد على الفطرة،
فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرانه أو يُمَجِّسانه، كما تولد البهيمة بهيمة
جَمْعَاء هل تحسون فيها من جدعاء؟)[1]، وقال a حاكيا عن ربه عز وجل:( يقول
الله عز وجل: إني خلقت عبادي حُنَفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم)
وأخبر أنه لن يفلح إلا
من حافظ على سلامة فطرة نفسه، فلم يدنسها بأي دنس..
التفت إلي، وقال: أتدري
ما مثل ذلك؟
قلت: ما مثله؟
قال: إن مثله كمثل قوم
لهم أجسام سليمة وعقول سليمة كلفوا بالدخول إلى أرض تختلط فيها أشعة الشمس الطيبة
بالأشعة الخبيثة.. وقد زودوا لذلك بما يقيهم من أوزار الأشعة الخبيثة.. كما زودوا
بما يمكنهم من الانتفاع بالأشعة الطيبة.
لكن بعضهم لم يرض هذا
الوضع، فراح يقتحم الأشعة الخبيثة بوجهه العاري زاعما أن ذلك القناع الذي يضعه على
وجهه نوع من الكبت يحرم النفس من حقها في التمتع بأنواع الأشعة.