اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 264
وجل، وكلام نبيه a،
وكان من جهل ذلك ناقص الفهم عن ربه تعالى، فكان هذا من فعل العلماء حسنا وموجبا
لهم أجرا.. وكذلك القول في تواليف كتب العلماء في اللغة والفقه؛ فإن السلف الصالح
غنوا عن ذلك كله بما آتاهم الله به من الفضل ومشاهدة النبوة، وكان من بعدهم فقراء
إلى ذلك كله، يرى ذلك حسا ويعلم نقص من لم يطالع هذه العلوم ولم يقرأ هذه الكتب
وأنه قريب النسبة من البهائم، وكذلك هذا العلم فان من جهله خفي عليه بناء كلام
الله عز وجل مع كلام نبيه a، وجاز عليه من الشغب جوازا لا يفرق
بينه وبين الحق، ولم يعلم دينه إلا تقليدا، والتقليد مذموم، وبالحرى إن سلم من
الحيرة، نعوذ بالله منها.
قال آخر: لقد ذكرت بأن هذا
العلم موجود في ذهن كل إنسان، فهل هو كسب اكتسبه، أم أنه معرفة ولد بها وفطر
عليها.
قال ابن حزم: بل هو من العلم
الذي اكتسبه.. لقد قال الله تعالى يشير إلى هذا :﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ
مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ
وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَO (النحل:78)
قال التلميذ: فكيف تسنى للعقل
أن يصل إليها؟
قال ابن حزم [1] : العقل هو
الوسيلة التي تدرك بها الحقائق.. أو هو النور الذي إذا سلط على الحقائق ظهرت له
وتجلت.. ولذلك فإن تلك الحقائق يكشفها نور العقل للنفس كما يكشف ضوء الشمس ألوان
الحقول..
وقد كان خطأ الإنسان الأكبر
غفلته عن مصدر النور وتوجهه إلى الأحكام زاعما أنها هي حقيقة النور، فراح يبحث عن
مصدر يقيِّم به تلك الأحكام.. ولو كان الإنسان قد تذكر بأن الذي يساعده على البحث
ليس الا هذا النور، وانه لو افتقده أصبح كالمجنون والنائم حيث لا يفهمان
[1] ما نذكره هنا من التعليلات
للمدرسي، وليس لابن حزم كما هو ظاهر.
اسم الکتاب : سلام للعالمين المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 264